مجلة البيان

سليمان الحزامي (1945 - 2016) المسرحي والإذاعي المتميز

فقدت الساحة الأدبية والمسرحية والإذاعية أحد أقطابها ورموزها ألا وهو الكاتب والمسرحي والإذاعي الأستاذ سليمان داود الحزامي. فهو أديب متميز ومسرحي معروف وإداري ناجح.

       نَشِط، معطاء حتى آخر أيامه عندما أصابته إعاقة في عينيه وفقد بصره لم تزده هذه الإعاقة إلا تعلقاً بعمله وتقرباً لزملائه وأصدقائه ومعارفه، فقد كان يصر على الحضور إلى رابطة الأدباء بشكل شبه يومي يسأل عنهم ويتباسط معهم.

       ولقد فُجعنا بوفاته فقد كان - يرحمه الله- يعاني من عدة أمراض بصمت ودون شكوى ولم تغير من نفسيته وحضوره الدائم وحديثه الشائق.

       عرفته عن قرب سنوات طويلة، وجالسته في كثير من اللقاءات اليومية في أمسيات رابطة الأدباء، فلمست فيه حلو الحديث والجرأة في طرحه للقضايا وسرعة البديهة والقدرة العجيبة في كيفية طرحه للأسئلة على ضيوفه وبخاصة في برنامجه الإذاعي الناجح "همس القلم" ومحاورتهم وجعلهم يتجاوبون معه.

 

حياته الدراسية والعملية

       ولد الأستاذ سليمان الحزامي في منطقة الشرق من مدينة الكويت ودرس في مدرسة المرقاب، بعدها التحق بمعهد المعلمين حيث تخصص في مادة التربية الموسيقية، وعمل مدرساً لها لعدة سنوات في ثانوية أنس بن مالك في منطقة خيطان، بعدها التحق بمعهد الدراسات المسرحية في الكويت ثم أرسل في بعثة دراسية إلى إنجلترا عام 1975م وحصل على الليسانس في الأدب الإنجليزي، بعدها عمل موجهاً فنياً في وزارة التربية قسم النشاط المدرسي ثم رئيساً لقسم الإذاعة المدرسية ومراقباً للنشاط المدرسي.

       وفي عام 1982م عين مراقباً للبعثات ثم مديراً للتنسيق والمتابعة للمعاهد الفنية بوزارة التربية والتعليم العالي.

 

نشاطه الإذاعي والمسرحي

       في المجال الإذاعي  قدم الأستاذ الحزامي العديد من البرامج الإذاعية الناجحة مثل: برنامج أوائل الطلبة، ذكريات دبلوماسية، من روضة الشعر، وشعر الصبا بالإضافة إلى برنامج "همس القلم" والذي ظل يقدمه على مدى أكثر من 16 عاما، وهو أشهر ما قدم من برامج، وقد استضاف فيه عدداً كبيراً جداً من المثقفين من داخل الكويت وخارجها حتى آخر حياته.

المجال المسرحي

تعلق بحب المسرح منذ أن كان على مقاعد الدراسة، فقد شارك في مسرحية عمر بن الخطاب على مسرح المدرسة. وبعد تخرجه كتب العديد من المسرحيات فاز بعضها بجوائز مثل مسرحيته "يوم الطين" حين فازت بجائزة وزارة الإعلام عام 1982م. ومسرحيته "بداية النهاية" والتي فاز بها بجائزة الدولة التشجيعية عام 2001م.

كما شارك في بعض المهرجانات المسرحية داخل الكويت وخارجها.

طبع جميع أعماله المسرحية قبل وفاته بسنوات قليلة.

 

تكريمه

كُرم الأستاذ سليمان الحزامي عدة مرات ومن عدة جهات، فقد كُرم في الدورة الثامنة لمهرجان المسرح العربي الذي عُقد في الكويت، كما كرم في الدورة الخامسة لمهرجان أيام المسرح للشباب عام 2008م. بالإضافة إلى تكريم الدولة له بمنحه جائزة الدولة التشجيعية كما تقدم.

       وتتنوع مسرحياته ما بين مسرح اللامعقول والمسرح التاريخي مع إسقاطات على المجتمع الحاضر.

       كما كتب القصة القصيرة، ونشر أول قصة له في مجلة البيان التي تصدرها رابطة الأدباء الكويتيين وذلك في عام 1972م، كما أن له العديد من المقالات الأدبية والاجتماعية نشر أكثرها كذلك في البيان. وتوج مسيرته الثقافية باختياره رئيساً لتحرير هذه المجلة العريقة التي تعتبر أقدم مجلة ثقافية في المنطقة وربما في العالم  العربي والتي لازالت تصدر منذ عام 1966م.

 

حديثه معي عن جزيرة فيلكا

أقول عن صحبتي ولقائي مع الأستاذ سليمان الحزامي كما قال شيخنا الشيخ عثمان بن سند عن أحد مشايخه: "صحبته أعواماً وجالسته صبحاً وظلاماً". فعلاً فقد كان الأستاذ الراحل كما قلت دائم التردد على رابطة الأدباء مساءً وأحياناً في الفترة الصباحية، فكنت أجالسه وأستمتع بحديثه وذكرياته وأفكاره التي تكون دائماً ممتلئة بكل جديد.

       وكان يحب أن يتحدث معي عن أخبار جزيرة فيلكا ومؤلفاتي عنها فيقول: كنت في شبابي دائم الذهاب إلى الجزيرة مع الأهل وأحياناً مع بعض الأصدقاء، ونمضي عدة أيام نستمتع بها من خلال اختلاطنا بمن نعرف ومن لا نعرف من أهلها، فليس هناك فرق عندما تلتقي بأحد سكانها يلقاك بالترحيب والود والكرم، فيدعوك للغداء أو العشاء في منزله.

       وكنا نقضي معظم الليالي التي نمضيها في الجزيرة صيفاً بالتمتع والجلوس على شاطئ البحر نستمتع بالجو اللطيف نصطاد السمك، وبمجرد أن نخرجه من البحر يقوم أحد رفاقنا بِشيَّه في الحال، فيالذة ذلك السمك المشوي الطازج والذي لازلت أتذكره وكأنه بالأمس القريب.

       ويضيف: وكثيراً ما دعانا بعض أصحابنا من أهالي الجزيرة للغداء أو العشاء في منزله، فكان يقدم لنا بعض الأكلات الخاصة والتي اشتهرت بها مثل: الشعرية "البلاليط" وعليها السمك المقلي الحار فكانت هذه الأكلة غريبة علينا في بداية الأمر ولكن تعودنا عليها وأصبحنا نطلبها دائماً، والسمك المقلي الذي يوضع على البلاليط هو سمك الزبيدي وسمك البياح فقط وذلك للذتهما وطيب مذاقهما.

       وهناك نوع خاص من الحلويات البيضاء الجافة على شكل أقراص الخبز الكبيرة اشتهرت بها جزيرة فيلكا، فكانت بمثابة هدية يحملها العائد من الجزيرة إلى أهله في الكويت، فهي جافة وتستغرق وقتاً طويلاً دون أن تفسد أو يتغير لونها أو طعمها.

       فكنت أستمتع بحديثه وذكرياته، فأنا أيضاً ابن الجزيرة ولي فيها ذكريات لا تنسى، فالحنين إليها لا ينضب مهما بعدت المسافات وتبدلت الظروف.